نبذة تاريخية

نبذة تاريخية 

أنشئت الجامعة الليبية وفقاً للمرسوم الملكي الذي أصدره الملك ادريس السنوسي رحمه الله بتاريخ 15 ديسمبر 1955 (أنظر الملحق رقم 1) والذي نصت مادته الاولى على أن تكون كلية الآداب والتربية أول كلية تنشئ بتلك الجامعة ويكون مقرها مدينة بنغازي، وتحديداً في قصر المنار الذي تبرع به الملك؛ ليكون مقرا للجامعة، وقد انتظمت الدراسة بها بمرسوم ملكي آخر صدر بتاريخ 1/1/1956، فانطلقت الدراسة بكلية الآداب والتربية في يوم الإثنين 23 /1/ 1956، بعد يوم واحد من الافتتاح الرسمي للجامعة، مكونة في عامها الدراسي الأول من واحد وثلاثين طالباً من الذكور الليبيين،  وخمسة أعضاء هيئة تدريس أربعة منهم إعارة من ثلاث جامعات مصرية كانت رواتبهم على نفقتها، وذلك في عدة تخصصات: الأدب العربي والتاريخ والفلسفة والجغرافيا، إضافة الى أستاذ في الأدب الإنجليزي تعاقدت معه الجامعة، وبرئاسة د. وليام ويندل كليلاند الذي رشحته الولايات المتحدة الأمريكية لهذا المنصب، حيث أصبح اول عميد لكلية الآداب والتربية، إضافة إلى عدد من الموظفين الليبيين والمصريين الذين سيروا الكلية إداريا.

 تكونت الكلية من عدة أقسام كان رائدها قسم اللغة العربية وآدابها، ثم لحقه تأسيس أقسام اللغة انجليزية وآدابها و التاريخ و الجغرافيا وقسم الدراسات الفلسفية والاجتماعية، وكانت الدراسة لمدة أربع سنوات بمواد عامة ومواد تخصصية متنوعة، كما دعمت الكلية في السنة التالية بأعضاء هيئة تدريس جدد من مصر في تخصصات مختلفة وزاد الإقبال على الكلية حيث استقبلت في العام الجامعي الثاني  ثمانية وثلاثين طالباً، وقد أصبح عميدها في ذلك العام 1957 د.مجيد خدوري من العراق، وشهد عام 1958 التحاق أول عضو هيئة تدريس ليبي بالكلية في مجال التاريخ هو أ.مصطفى بعيو الذي صار أول عميد ليبي لها ما بين 1958-1959، وخلال عمادته شهدت الكلية تخريج  دفعتها الأولى بعدد 31 خريجاً من جميع أقسام للكلية الذين اسهموا في سد النقص في إعداد المعلمين، إضافة للعمل في الوظائف الحكومية المختلفة، وهذا هو الهدف الذي أنشئت من أجله كلية الآداب والتربية آنذاك.

واستمرت الكلية بأقسامها تلك في أداء مهامها وزاد عدد طلابها واساتذتها من عدة دول عربية وأجنبية، وتناوب على عمادتها مجموعة من الأساتذة منهم د. ناصر الدين الأسد من الأردن 1959-1961 واثناء عمادته تخرجت في الكلية والجامعة

عموما أول طالبة بها وكانت ضمن الدفعة الثالثة من الخريجين ما بين 1960-1961 وقد التحقت بالكلية في العام الجامعي 1957-1958، ومنذئذ صارت الطالبات يشكلن عنصرا رئيسيا من طلاب الكلية وقد كانت نسبتهن قليلة في البداية ثم زادت على مر السنين.

كما حرصت كلية الآداب والتربية منذ إنشائها على مواكبة التطورات العلمية في مجال التعليم الجامعي من حيث: المقررات الدراسية والنظام الدراسي، وتطويرها باستحداث أقسام جديدة، والرقي بأساتذتها وطلابها، بحيث أصبحت لها الريادة وقدوة للكليات الأخرى بالجامعة، حيث شهد عام 1958 صدور العدد الأول من دوريتها السنوية تحت اسم مجلة كلية الآداب والتربية لتكون منبرا لنشر الدراسات العلمية التي تختص بها الكلية ومازالت المجلة تصدر حتى الآن ليس ورقيا فقط بل أيضا إلكترونياً منذ سنوات لتواكب تطورات العصر، وأقيمت بها المؤتمرات العلمية الدولية والمحلية في مجالات مختلفة، وألقيت بها عديد المحاضرات من أساتذة مقيمين وزائرين في شتى المجالات، ومن خلال المواسم الثقافية التي نظمتها الكلية أو الأقسام التي بدأت منذ عام 1956، واستمرت بعدم انتظام حتى سنوات قريبة، حيث كانت البداية بمدرج الكلية (مدرج رفيق فيما بعد) بمقرها بقصر المنار.

 كما كان لطلابها مناشطهم الثقافية أيضا من خلال اتحاد الطلبة ونظام الجمعيات التابعة للأقسام التي استمرت فترة طويلة ثم انتهت، والتي نظمت وأشرفت على النشاط الثقافي والاجتماعي بالكلية، والذي تمخض عنه إصدارات ثقافية مميزة لعل أشهرها مجلة قورينا التي صدر أول أعدادها في ديسمبر 1966، كما أشرفت على إقامة المعارض العلمية السنوية لأغلب الأقسام حتى تُعرّف بتخصصاتها وتبرز نشاطها العلمي. كما كان للكلية نشاطها الرياضي عن طريق مكتبها الرياضي وقد حققت الكلية الكثير من الانتصارات على مستوى التنافس الرياضي بكليات الجامعة وبين الجامعات الليبية فيما بعد، وكان من بين طلابها لاعبون مشهورون في الأندية الليبية كانت لهم بصمات مميزة على تاريخ الرياضة في ليبيا لاسيما في كرة القدم.

ونظرا للزيادة المطردة في عدد طلاب الكلية كل سنة ضعفت قدرة مقرها القديم على استيعاب أولئك الطلبة أسوة بكليات الجامعة الأخرى، فتقرر انشاء مقر جديد للجامعة الليبية في منطقة قاريونس يجمع كلياتها المبعثرة، حيث بدأ العمل به في فبراير 1968، وانتقلت كليات الجامعة إليه بعد افتتاحه رسميا في أبريل 1974، وكانت كلية الآداب من بين تلك الكليات، حيث أصبح لها مقر جديد متسع بعديد قاعاته الدراسية ومدرجاته ومعامله ومكاتب إدارته، مما ساعد في تطوير الكلية وزيادة عدد أقسامها وطلابها ومن ثم خريجيها، وفي تلك الفترة انضوت كلية الآداب تحت مسمى جامعة بنغازي عوضا عن الجامعة الليبية، ولم يستمر هذا الاسم طويلا حيث حل محله عام 1976 تسمية جامعة قاريونس، ثم أعيد لها اسم جامعة بنغازي منذ عام 2011. .

استمرت الكلية في استقبال طلابها ومباشرة شؤونها في المدينة الجامعية حتى 2014 عندما أجبرت بسبب الحرب على مغادرة مكانها الذي تعرض جزء كبير منه للحرق والتدمير وإتلاف محتوياته بما فيها أرشيف الكلية الإداري والعلمي، فتوقفت الدراسة بالكلية لمدة سنتين حتى بعثت من جديد في مدارس متفرقة بالمدينة 2016 ثم التأم شملها من جديد في مقر داخلي البنات على أطراف المدينة الجامعية عام 2017، ومازالت الآمال معقودة على انتهاء أعمال الصيانة لترجع الكلية بكامل أقسامها إلى مقرها وسط جامعة بنغازي.

 ومن ناحية أخرى تطور نظام الدراسة بالكلية والذي كان أربع سنوات على أن تكون السنة الأولى بمثابة سنة تمهيدية عامة، ثم يدرس الطالب المواد التخصصية بانتسابه الى أحد أقسام الكلية، وبعد عشرين عاما من تطبيق هذا النظام استحدثت الكلية نظاماً جديداً أقرته لائحتها الداخلية الجديدة التي طبقت في العام الجامعي 1975-1976 ، بحيث يكون التخصص من السنة الأولى أي إلغاء السنة التمهيدية، وهذا سمح بزيادة عدد المقررات الدراسية وتنوعها في كل تخصص، وقد عادت الكلية الى نظام السنة التمهيدية في بداية الثمانينات ثم اعيد نظام السنوات الأربعة التخصصية في بداية التسعينيات، وباشرت الكلية في تطبيق النظام الفصلي بدلا من السنوي منذ العام الجامعي 2009-2010 ومازالت مستمرة بهذا النظام حتى الان. وبعد أن يجتاز الطالب المقررات الدراسية أو الساعات المطالبة بها يمنح شهادة الليسانس، كما تمنح الكلية شهادة الماجستير والدكتوراه، من خلال برنامج طموح للدراسات العليا بدأت منذ عام 1978 ومازالت مستمرة حتى الآن، وتخرج فيها مئات الطلبة من أقسام الكلية المختلفة.

أما من حيث تطوير الأقسام العلمية بالكلية فقد تطورت تدريجيا وزاد عددها لتغطي حاجة المجتمع الى المجالات المختلفة واستكمال التخصصات التي تنقص الكلية مقارنة بكليات الآداب والتربية الأخرى، كما أن وصول أعضاء هيئة تدريس موفدين نالوا شهادات عليا في تخصصات جديدة مطلوبة كان من شأنه الإقبال على فتح أقسام جديدة، ومنذ عام 1970 زاد عدد أقسام الكلية إلى جانب الأقسام الخمسة التي كانت بها، فافتتح قسم للآثار وقسم آخر للغة الفرنسية، ثم قسم للدراسات الإعلامية، إضافة الى قسمي الفلسفة والاجتماع بدلا عن قسم الدراسات الفلسفية والاجتماعية. ثم أضيفت أقسام أخرى للكلية منها قسم التربية وعلم النفس، وقسم التخطيط التربوي والإدارة التعليمية (1982-1983) ثم قسم المكتبات والمعلومات (1985-1986)، وقسم علوم التربية البدنية (1988-1989)، وقسم الترجمة والتعريب ( 1989-1990)، ثم قسم اللغة الإيطالية (2005-2006)، وقسم الدراسات الإسلامية (2003-2004)، وبهذا وصل عدد أقسام الكلية إلى ستة عشر قسما. لكن هذا العدد تناقص في السنوات التالية فانفصل قسم الاعلام وصار كلية من كليات الجامعة (2011) وكذلك قسم التربية البدنية (2019)، وانفصلت أقسام اللغة الإنجليزية والفرنسية والإيطالية؛ لِتكّون كلية اللغات عام 2019. وحاليا يوجد بالكلية عدد أحد عشر قسما، وهناك خطة طموحة لإنشاء أقسام جديدة بها مثل قسم الخدمات الاجتماعية وقسم الترجمة والتعريب وغيرها.

وتعرف الكلية منذ سنوات باسم كلية الآداب حيث تغير اسمها عدة مرات وتفاوت بين كلية الآداب والتربية وكلية الآداب وفقا للتغيرات التي مرت بالجامعة وانشاء كلية للتربية بها.

وبعد 67 عاماً من مسيرة هذه الكلية المفعمة بالنجاحات وقليل من الانتكاسات فرضتها ظروف خارجة عنها، ها هي تحاول النهوض من جديد لإكمال مسيرتها، إنها الكلية الام وأساس كليات الآداب والتربية في جميع الجامعات الليبية، وخريجوها الذين يعدون بالآلاف هم من قاد التعليم المتوسط والعالي وأداروا قطاعات كثيرة في بلادنا العزيزة ووصل بعضهم الى مراتب عليا علميا واداريا، وهذا لم يتأت الا بتكاثف جهود الأساتذة الأجلاء سواء الذين ترأسوا إدارتها أم درّسوا بها وبذلوا الكثير لتحقيق رسالتها وأهدافها، زد على ذلك جهود طاقمها الإداري ودوره الرديف في إنجاح العملية التعليمة.  يرحم الله من توفى منهم ويطيل في عمر من على قيد الحياة، ومازال يسعى في رقيها وتطويرها بأداء رسالته بأمانة نحوها واتجاه طلابها عماد المستقبل.

Share This